أحمد حسنين.. قصة اللاعب المصري الذي يطرق أبواب المجد في دوري كرة القدم الأمريكية
في عالم الرياضة، لا تُقاس البطولات دائمًا بعدد الأهداف أو النقاط، بل أحيانًا تُقاس بالشغف والإصرار والقدرة على تخطي المستحيل.
أحمد حسنين، الشاب المصري ذو الأصول المتجذّرة في قلب النيل، يوشك على كتابة فصل جديد في تاريخ كرة القدم الأمريكية، ليصبح أول لاعب مصري يشارك في دوري NFL، أحد أكثر الدوريات احترافًا وتعقيدًا في العالم.
الطفولة بين ثقافتين
وُلد أحمد حسنين في الولايات المتحدة عام 2001، لكنه عاد إلى مصر في سن السابعة، حيث نشأ وتعلّم اللغة العربية واندمج في الحياة والثقافة المصرية.
مارس طيفًا واسعًا من الرياضات: الرماية بالقوس، الملاكمة، كرة القدم، كرة السلة، والكرة الطائرة، دون أن يعرف أن مصيره سيكون مرتبطًا بلعبة لم يكن يعرف عنها شيئًا بعد.
لا تفوت قراءة: بيج رامي يروي رحلته الملهمة! من صياد سمك وعامل تراحيل إلى أسطورة كمال الأجسام
العودة إلى أمريكا وبداية الحلم
بعد عشر سنوات، جاء اللقاء الذي غيّر حياته. زاره أخوه غير الشقيق، وكان مدربًا لكرة القدم الأمريكية، وأقنعه بالعودة إلى الولايات المتحدة لتجربة هذه الرياضة الغريبة عليه. لم يكن حسنين في البداية يدرك شيئًا عن هذه اللعبة، وقال في أحد لقاءاته:
“رأيت فقط لاعبين يركضون ويصطدمون ببعضهم البعض. فقلت: هذا يبدو ممتعًا!”
وبموافقة والده، عاد حسنين إلى أمريكا وهو في عمر الثامنة عشرة، لكنه واجه تحديًا جديدًا: لم يكن يتقن اللغة الإنجليزية. ورغم ذلك، بدأ رحلته كلاعب مبتدئ في إحدى المدارس الثانوية.
الطريق من الصفر: الاصطدام الأول بالقوانين
خاض حسنين بداياته في مركز الجناح الهجومي، لكنه لم يكن بارعًا في التقاط الكرة. جُرّب كظهير دفاعي، لكن تعقيدات القوانين أصابته بالحيرة. وأخيرًا، وجد نفسه في خط الدفاع، حيث قال له المدرب:
“فقط طارد من يحمل الكرة”.
حينها أدرك أحمد أن هذه هي مهمته. لم يكن يعرف القوانين، كان يرتكب أخطاءً فادحة، يضرب ويشد الخوذات، لكنه تعلم. تعلّم من خلال الفشل، ومن خلال الإصرار.
لا تفوت قراءة: معركة الفراعنة في البريميرليغ.. كيف تفوق محمد صلاح على عمر مرموش؟
نقطة التحوّل: آرون دونالد والإلهام
نقطة التحوّل الكبرى جاءت حين شاهد مباراة لأسطورة الدفاع الأمريكي آرون دونالد.
أعجب بأدائه، وقرر أن يسير على خطاه. لكن الطريق نحو دوري الجامعات لم يكن سهلًا. كان عليه أن يحصل على منحة رياضية، وأن يتم رصده من قبل الكشّافين، وأن يثبت نفسه وسط منافسين تمرّنوا منذ الطفولة.
وبالفعل، ومن خلال تدريبات قاسية، تطوّر أداؤه بشكل لافت حتى أصبح من أبرز الوجوه في فريقه الثانوي، وبدأت الأضواء تتسلّط عليه.
جامعة بويز ستيت.. حيث بدأ الاعتراف
جذب حسنين أنظار مدرب جامعة بويز ستيت، سبنسر دانيالسن، الذي دعاه للانضمام للفريق بعد مشاهدته في مقاطع الفيديو. وهناك، أثبت الشاب المصري نفسه بسرعة، ليتحول إلى أحد أهم لاعبي خط الدفاع في فريقه، وتبدأ الحكاية في التوسّع نحو الحلم الكبير: NFL.
شارك أحمد في مباراة East-West Shrine Bowl، التي تُعد واحدة من أهم العروض السنوية للاعبين الجامعيين الذين يسعون للفت أنظار فرق دوري المحترفين. وبعد الأداء القوي الذي قدمه، أصبح هدفًا لعدد من أبرز فرق الـNFL مثل:
دالاس كاوبويز، نيويورك غاينتس، سياتل سي هوكس، كانساس سيتي تشيفس، وإنديانابوليس كولتس.
لا تفوت قراءة: من هو سيف الدرع؟ ثاني لاعب مصري على وشك كتابة تاريخ جديد في برشلونة لكرة اليد
أحمد حسنين: شخصية قيادية وموهبة واعدة
رغم قصر المدة التي مارس فيها اللعبة مقارنة بزملائه، أثبت حسنين أنه لا يقل شغفًا أو مهارة، يقول:
“رغم أنني لم ألعب لفترة طويلة، فإنني اكتسبت احترام العديد من المدربين والكشّافين. كانت فرصة رائعة لإثبات نفسي.”
ويضيف:
“كل يوم يجب أن أثبت نفسي مجددًا. لا يهمني المركز الذي أشارك فيه، سأقدم كل ما لديّ لأساعد فريقي على الفوز.”
رسالة إلى الشباب المصري
أحمد حسنين لا يرى في إنجازه مجرد نجاح شخصي، بل يحلم بتوسيع تأثيره، فيقول:
“أريد إيصال كرة القدم الأمريكية إلى مصر، وتشجيع شبابنا على اللعب هنا في الولايات المتحدة. هذه فرصة رائعة وأنا ممتن لها كثيرًا.”
لا تفوت قراءة: عمر مرموش: هل يسير على خطى محمد صلاح ليكون الفرعون المصري الجديد؟
بين الحلم والواقع
رحلة أحمد حسنين من القاهرة إلى أمريكا لم تكن سهلة، لكنها تلخّص حكاية الإرادة التي لا تعرف المستحيل.
من طفل لا يتحدث الإنجليزية، إلى نجم جامعي على أعتاب الـNFL، يقدّم أحمد نموذجًا ملهمًا لكل شاب عربي يسعى لتحقيق حلمه، حتى لو بدا في البداية أبعد من الخيال.
إن نجح حسنين في دخول تاريخ دوري المحترفين، فسيكون ذلك ليس فقط إنجازًا له، بل لجميع الطامحين من أبناء الشرق الأوسط الباحثين عن مكان في ملاعب العالم الكبرى.